معالي
الدكتور محمد ابو حمور يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية
قال الدكتور محمد أبوحمّور وزير المالية الاسبق ، ان السياسة النقدية الحكيمة أرست الاستقرار
النقدي واستقرار سعر الصرف والمستوى العام للأسعار، فيما أدت السياسة المالية خلال
السنوات الأخيرة إلى مضاعفة المديونية وزيادة أعباء خدمتها بصورة مقلقة رغم التحسن
الذي شهده العام الأخير.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها في كلية
الدفاع الوطني الملكية الاردنية بعنوان " إعداد الموازنة العامة للدولة والسياسة الاقتصادية" للدارسين في
دورتي الدفاع 15 والحرب 24 .
وبين أن
البطالة والفقر والمديونية قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة وتدعو للقلق والعمل
الفوري للحد منها وإيجاد حلول غير تقليدية للتحديات الاستثنائية التي نواجهها. مبديا
عدم ارتياحه للمؤشرات الاقتصادية بشكل عام خاصة المتعلقة بالصادرات والمستوردات
والاستثمار والنمو الاقتصادي خلال السنوات الخمس الأخيرة على الرغم من تحسن بعضها
خلال العام الأخير متسائلًا عن الخطة العشرية وداعيًا الحكومة إلى متابعة خطوات جلالة
الملك حفظه الله ورعاه في جذب الاستثمارات وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
وشدد الدكتور
أبوحمور على أن الاقتصاد يعاني وان الحلول التقليدية لم تعد تفي للتوصل إلى حلول
وأننا بحاجة إلى حلول إبداعية مشيرًا إلى أن مستوى معيشة المواطن تراجع خلال
السنوات الأخيرة بحوالي 20% بسبب الفجوة بين النمو الاقتصادي والنمو السكاني بسبب
اللجوء السوري .
وعودة إلى
موضوع الموازنة العامة أشار الدكتور أبوحمور أن تبويب الموازنة العامة على أساس
جغرافي يكتسب أهمية خاصة في ظل توجه المملكة لتطبيق اللامركزية، حيث يوضح هذا
التبويب حصة كل محافظة من الموازنة العامة للدولة ويبين المشاريع التي سيتم
تمويلها في تلك المحافظة، وهذا بالتالي يعكس الخطوات والاجراءات التي تتخذها
الحكومة لتوفير الخدمات للمواطنين ويظهر الى الملأ جهودها التنموية التي تستهدف
توزيع ثمار التنمية بشكل عادل وسعيها الى رفع مستوى معيشة المواطنين.
وأضاف د.
ابوحمّور أن الموازنة العامة هي الخطة المالية الأساسية للدولة، وتحدد أهداف
الحكومة وسياستها وبرامجها في كيفية الاستغلال الأمثل للموارد وعملية توزيعها
تبعًا للأوليات، وتنهض بدور رئيس في تكوين الناتج المحلي الإجمالي من خلال الإنفاق
الحكومي، وبالتالي تخلق دخلاً وطاقات إنتاجية جديدة في البلاد.
وأكد د.
أبوحمّور أن للموازنة العامة للدولة أهمية كبرى لأنها تعبِّر عن برنامج العمل،
السياسي والاقتصادي والاجتماعي، للحكومة خلال الفترة المالية. وبعبارة أخرى، فإن
الموازنة العامة للدولة لها دلالات سياسية واقتصادية واجتماعية، إذ يمكن الكشف عن
مختلف توجهات الدولة، عن طريق تحليل أرقام الإيرادات العامة، والنفقات العامة،
التي تجمعهما وثيقة واحدة، هي الموازنة العامة للدولة. وهكذا فإن الموازنة العامة
للدولة ليست مجرد بيان يتضمن الإيرادات العامة، والنفقات العامة، بل هي الأداة
الرئيسية التي يتم بواسطتها تحقيق أهداف الدولة، السياسية والاقتصادية
والاجتماعية.
وبين د.
أبوحمّور أنه وفي ظل محدودية الموارد فإن عملية إعداد الموازنة العامة للدولة
ترتكز إلى المفاضلة بين البدائل المتاحة، أي كيف يمكن تحقيق أكبر قدر ممكن من
المنافع باستخدام موارد محدودة، كما تمثل عملية إعداد الموازنة الوسيلة التي تتجسد
من خلالها الخطط على الواقع الفعلي، ولهذا فإن هذه العملية تمثل عنصرًا مهمًا في
عملية التخطيط التنموي، واستمرارًا للتنمية الاقتصادية ذاتها، هذا بالإضافة إلى
أنها عنصر أساسي في نظام الإدارة المالية، الذي يتميز بخصائص مهمة في نطاق الأداء
المحاسبي والرقابة المالية، كما إن إعداد الموازنة يؤثر في عملية تنفيذ البرامج
والمشروعات لأنه يتولى عملية تخطيطها وتوزيعها، ومن هنا أصبح إعداد الموازنة
وإقرارها يحظى بهذا الاهتمام الكبير.
وأشار د.
أبوحمّور إلى الأهمية الخاصة للموازنة من الناحيتين السياسية والاجتماعية
باعتبارها من أهم أدوات التخطيط المالي. فأهمية الموازنة من الناحية السياسية
تتجلى من خلال كونها انعكاساً لبرنامج عمل الحكومة خلال مدة محدودة من الزمن،
وبذلك فهي تترجم خطة الدولة السياسية إلى أرقام، وهي إلى جانب ذلك تمثل تأطيرا
للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فإقرارها عبارة عن إذن تمنحه السلطة
التشريعية للسلطة التنفيذية بالإنفاق والجباية.
أما من
الناحية الاقتصادية والاجتماعية فيمكن أن نتبين أهمية الموازنة من خلال تعديلها
لتوزيع الدخل بين الفئات الاجتماعية المختلفة، فهي تؤثر في مالية الأفراد
والمؤسسات بما تفرضه من ضرائب أو تصرفه من نفقات، فتقتطع جزءًا من دخل بعض الأفراد
والمؤسسات لتكون إيرادًا عامًا تعيد توزيعه إلى طبقة اجتماعية أخرى على شكل دخل
جديد لأبنائها. ويقع على عاتق الموازنة العامة في كثير من الاحيان عبء التأثير في
الحياة الاقتصادية وتوجيه المسارات الاقتصادية وتوليد جزء من فرص العمل، والمساهمة
في نمو الناتج المحلي، ورفع المستوى المعيشي للمواطنين. وقد تطوّرت وظائف الموازنة
العامة، في مختلف دول العالم مما جعلها تحظى بأهمية متزايدة ذات أبعاد اقتصادية
واجتماعية وسياسية في جميع الدول.
اضافة الى
انها تعد أهم الوثائق الاقتصادية التي تصدر عن الحكومة لكونها توفر معلومات تتعلق
بأثر السياسات الحكومية في استخدام الموارد على مستوى التوظيف والنمو الاقتصادي
وتوزيع الموارد داخل الاقتصاد.
وفي نهاية المحاضرة دار نقاش موسع اجاب خلاله الضيف
المحاضر على اسئلة واستفسارات الدارسين