يعد برنامج الدفاع الوطني برنامجاً دراسياً متكاملاً لتأهيل صانعي السياسات الوطنية في مجالاتة والإستراتيجية وصناعة القرار الوطني من خلال منهجية علمية متدرجة تتناول جوانب التخطيط الاستراتيجي وصياغة الأهداف والمصالح الوطنية ثم تصميم الاستراتيجيات والسياسات الوطنية المتعددة ومتابعة تنفيذها في إطار أجهزة الدولة ومؤسساتها ومؤسسات المجتمع المدني.

برنامج الدفاع الوطني ليس برنامجاً عسكرياً وإن كان يعقد تحت مظلة القوات المسلحة وبرعايتها، ولكنه برنامج وطني يتناول عناصر ومقومات الأمن الوطني بكافة أبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والإعلامية والتقنية، يبحث في هذه العناصر، يُحللها ويُقيّمها، ويسعى لدمجها في إطار منظومة وطنية متكاملة للأمن الوطني ويأخذ بالاعتبار ضغوطات السياسة الدولية وتأثيرات الجغرافيا السياسية وطبيعة التحديدات البنيوية التي يتضمنها الاقتصاد الوطني للدولة.

تستند الدورة في فلسفتها إلى أنه على صانعي السياسات الوطنية في المستقبل أن يدركوا أن إدارة الدولة ليست وظيفة فردية مقتصرة على عناصر محددة في النظام السياسي للدولة, وإنما هي مسؤولية وطنية لجهاز الدولة بكافة عناصره ومؤسساته، وإن على كافة العناصر في هذا الجهاز الضخم أن تنهض بمسؤولياتها وأن يقوم كلٌ بدوره المحدد بدقة بكل فاعلية وموضوعية. وما لم تعمل هذه الآلية الوطنية بتناغم وانسجام فإن السياسات الوطنية ستبقى تفتقر إلى الفعالية في التخطيط والى الجديّة في التنفيذ.

نظرياً، فإن القرار الوطني يجب أن يكون مبنياً بصورة حصرية على الاعتبارات الاستراتيجية التي تحقق الأهداف والمصالح الوطنية للدولة، ومع ذلك فإن قراراتنا الوطنية الكبرى وخصوصاً تلك المتعلقة بالحرب والسلام وعقد التحالفات وإبرام الاتفاقيات لم تكن خالية من مؤثرات السياسة الدولية وتحديدات البيئة الإقليمية ومحدودية الموارد الاقتصادية الوطنية. يجب على مصممي سياسات المستقبل أن يدركوا طبيعة هذه التفاعلات وعمق تأثيرها في صياغة الاستراتيجيات في كافة مراحل التخطيط الاستراتيجي، وعليهم أن يؤسسوا لفهم عميق لكافة اعتبارات السياسة والاقتصاد والجغرافيا والبيئة والمجتمع والعلوم والتقنيات الحديثة وتأثيراتها المتداخلة في تصميم السياسات الوطنية.

 ليس عليهم أن يكونوا خبراء في الاقتصاد والجغرافيا ولكن عليهم أن يؤسسوا لفهم واضح في علاقة الاستراتيجية بالاقتصاد أو بالجغرافيا، وكذلك ببقية العلوم. ومن هنا فإن المواد الدراسية في برنامج الدفاع الوطني لا تتناول العلوم الاقتصادية أو الإدارية أو الجغرافية بصفتها المجردة ولكن من منظور علاقتها بالأمن الوطني للدولة ومتطلبات التخطيط الاستراتيجي للسياسات الوطنية.

تشكل قضايا الدفاع والأمن للدولة العمود الفقري الذي بنيت عليه فلسفة الدورة وفكرها وخطتها الدراسية، فالأمن الوطني يرتكز على المحورين الأساسيين الدفاع، والأمن. تتولى القوات المسلحة معالجة الجانب الدفاعي في الأمن الوطني, في حين تتولى باقي أجهزة الدولة ومؤسساتها وأنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية أدواراً مساندة في قضايا الدفاع.

أما في قضايا الأمن فالمسألة معكوسة تماماً، ففي حين تتولى القوات المسلحة أدواراً مساندة في جوانب الأمن فإن أجهزة الدولة ومؤسساتها تتولى أدواراً أساسية هامة، فالأمن الوطني إنما هو حالة من الاستقرار والازدهار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، وإن أي خرق لهذه الحالة سيشكل تهديداً للأمن الداخلي، ومن هذا المنظور فإن الفقر والبطالة وشح الموارد وتراجع نسبة النمو السنوي في مجمل الناتج القومي والتضخم والتزايد السكاني ومشكلة المياه وتعثّر برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تصبح بمجملها أو بصورتها الفردية مواقع تهديد لحالة الاستقرار والازدهار الداخلي المرغوبة والمخطط لها وتؤسس بالتالي لتحديات حقيقية لأمننا الداخلي، ومع ذلك فإن معالجتها ليست وظيفة عسكرية أو أمنية، بل هي وظيفة تخصصية لأجهزة الدولة المختلفة كل في مجال تخصصه.

بهذا المفهوم تصبح كافة العناصر الحكومية في اجهزة الدولة أدوات عضوية في المنظومة الوطنية العامة للأمن الوطني. ستسعى دورة الدفاع الوطني لترسيخ شبكة العلاقات الوطنية بين قضايا الأمن وقضايا الدفاع لدمج الجهود العامة وعناصر القوة المتعددة في إطار وطني واحد يساهم في تحقيق الأهداف الوطنية وبلورة استراتيجيات وطنية تحقق الأهداف التخصصية لأجهزة الدولة وتأخذ بعين الاعتبار متطلبات الأمن الوطني المتعددة.

يتألف برنامج دورة الدفاع الوطني من ثمان مجموعات دراسية هي: